ليس من باب التهكم أن يُقال ان لبنان هو البلد شبه الوحيد الذي يرتبط تقدّمه بعودة الزمن فيه إلى الوراء. فبالرغم من إعلان الأمم المتحدة خسارة لبنان لحق التصويت والكلام في الجمعية العمومية للمنظمة بسبب عدم دفعه لمستحقاته المالية لسنتين متتاليتين، لا يزال السجال مستعر بين وزراتي المال والخارجية على خلفية تسريب فريق الوزير السابق جبران باسيل لنصّ الطلب الذي أرسله الأخير لدفع متوجبات لبنان المالية للمنظمة، في حين ردّت المالية عبر مكتبها الإعلامي وحسابات الوزير السابق علي حسن خليل عن ان هذه المراسلة قد دُفعت بالكامل وهي لتكاليف أخرى لوزراة الخارجية، ما طرح أكثر من علامة استفهام خصوصًا بعد عودة الأضواء إلى السفرات والوفود التي رافقت رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره باسيل في جولاتهما الأممية الأخيرة وما رافقها من انتقادات لجهة عدم مراعاتها للوضع الإقتصادري الدقيق للبلاد.
وفي الوقت الذي امتلأت مواقع التواصل الإجتماعي بالتحسّر على أيام عهد الرئيس كميل شمعون والوزير شارل مالك الذين قدّما موقع لبنان إلى مصاف الرئاسة في الأمم المتحدة في خمسينيات القرن الماضي، عاد الثوار وبزخم إلى شوارع بيروت وساحات طرابلس وصيدا والنبطية في تجمعات ومسيرات حاشدة، كان أبرزها المسيرة من جسر الدورة إلى محيط مجلس النواب، مرددين الشعارات المطالبة برحيل السلطة ومحاسبة المسؤولين فيها. وكان لافتًا بيان رئيس الحكومة المكلف حسان دياب الذي أكّد فيه مضيه في تشكيل حكومة أخصائيين بالرغم من كل المعوقات التي تعترضه. وقد قرأ محللون في هذا البيان نداء إستغاثة وبراءة ذمّة بعدما وقع دياب في فخّ تكليف الحكومة التي ينوي أركان السلطة رسمها ضمن حدود تسوياتهم وسيطرتهم على مقدرات البلاد، بعدما كانت أقرب إلى الولادة في الأسبوع المقبل في ما لو قبل عون ومن حوله بالمسودة التي قدمها له الرئيس المكلف في وقت سابق.
وعلى الصعيد النقدي، كان لافتًا الكتاب الذي وجهه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى وزارة المال لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتكليف المصرف المركزي بصلاحات إستثنائية. وذكرت مصادر للـLBCI ان سلامة وجه كتابًا للمسؤولين يطلب فيه منحه صلاحيات تجيز له إصدار تعاميم تشرع التدابير التي تتخذها المصارف حاليًا لجهة تعاطيها مع المودعين وعملاء المصارف، مشيرةً إلى أن هكذا صلاحيات تحتاج لقرار سياسي.