إذا كانت المراوغة هي الأسلوب الأكثر ربحًا الذي يعتمده كل فريق من فرقاء التركيبة الحاكمة لحصد مكاسبه أو الإبقاء عليها في الحكومة المقبلة، فإنّ لجوء هذه السلطة إلى مواجهة الثورة بإدخال الشغب إلى صفوفها، أو مواجهة وقمع الثوار السلميين، يكاد لا يقلّ دهاءً عن أساليب الأنظمة القمعية في الدول الأخرى والتي أدخلت الإرهاب إلى صفوف الثائرين عليها لقمع ثوراتهم المحقّة. وفي المحصلّة، وبعد دخول عامل التعدّي على الأملاك العامّة والمصارف من قِبل “بعض المحتجين” في شوارع الحمرا ووسط بيروت حصرًا بعدما كانت الدعوات تشمل محيط مجلس النواب والمؤسسات الحكومية الأخرى، شهدت العاصمة اللبنانية ليل أمس السبت-الأحد إحدى أسوأ موجات العنف بين المحتجين والعناصر الأمنية منذ بداية الثورة في 17 تشرين الأول الماضي، حيث إستُعملت كل أشكال العنف والتضارب وصولًا إلى الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع والألعاب النارية الموجّهة وغيرها، بالإضافة إلى التوقيفات العشوائية، ما أدّى إلى سقوط 169 جريحًا نقلوا إلى المستشفيات بحسب الصليب الأحمر، و59 جريحًا من القوى الأمنية كما أفاد مصدر أمني للـLBCI.
وفي الوقت الذي أُفيد عن إصابات بليغة بين حروق وكسور في الأيدي والأرجل أو إصابات الرصاص المطاطي في الرأس و أماكن أخرى حساسة من الجسد، إستمرّت الإشكالات حتى أبواب مسجد محمد الأمين، حيث لجأ إليه بعض المواطنين هربًا، في حين أعلنت قوى الأمن الداخلي عن أن اللواء عماد عثمان أمر بالتحقيق الفوري بعد عرض الفيديو المصوّر الذي يُظهر تعدّي القوى الأمنية على الموقوفين بُعيد نقلهم إلى ثكنة الحلو. كما نكرت شرطة مجلس النواب ضلوعها في إحراق خيم المعتصمين في بيروت، في حين أظهر فيديو آخر قيام أحد عناصرها بتكسير إحدى الخيم وإشعال النار فيها. وشدّد دار الفتوى على أن ايواء اللاجئين في مسجد الأمين في وسط بيروت هو عمل إنساني، مشيرًا في بيان إلى أن القوى الأمنية قد أمّنت على خروج من كانوا فيه في وقتٍ لاحق.
وبالرغم من أن حماوة الليل قد غطّت على تقدّم الثوار نهارًا، فقد استمرّ المواطنون بقطع الطرقات العامة وحشد التجمعات في مختلف الأراضي اللبنانية استمرارًا في #أسبوع_الغضب ورفضًا للإنصياع للأمر الواقع الذي تحاول السلطة أن تفرضه بكل الوسائل. وبين حصّة النائب طلال إرسلان، ومطالبات رئيس “المردة” سليمان فرنجية بوزيرين، وثلث الوزير السابق جبران باسيل المعطّل، وغيرها من المحاصصات الطائفية، يستمرّ “الإنجاز” المرتقب لحسان دياب بحكومة أخصائيين معلّق بعدما أظهرت الأسماء المسرّبة لوزرائه المرتقبين شغورهم المراكز القريبة من المسؤولين والوزراء السابقين، وبالتالي، فإنّ الثورة التي اندلعت على الطبقة السياسية الأصلية لن يردعها مجلس وزراء “تقليد”.