في الوقت الذي بدأ الجوع يتآكل الناس ويدفعهم إلى قطع الطرقات كما حصل أمس في عدد من المناطق احتجاجاً على غلاء الأسعار وتحليق الدولار لما فوق الـ4,600 ليرة، يستمر الفرقاء السياسيون الذين تقاسموا الحكم على رمي كرة الإنهيار، كل في ملعب الفريق الآخر، مع تقدّم فريق الحكومة على غيره من الأطراف في محاولات تسجيل الأهداف. وكان لافتًا في التحركات الليلية أمس، تعاطي القوى الأمنية العنيف مع المحتجين، حيث سُجّل سقوط جرحى بإصابات طفيفة في جل الديب، في وقت أكّد المعتصمون أن تحركاتهم ستستمرّ، مطلقين شعار “ما في شي نخسرو بقا”. وشهدت مناطق لبنانية إغلاق لبعض المحال التجارية بعدما تخوّف التّجار من فتح أسواقهم على وقع عدم استقرار سعر صرف الدولار وغلاء الأسعار، إن عبر استيرادها من المنتج، أم بيعها للمستهلك.
وبالتوازي، حاول مصرف لبنان ليلاً لجم ارتفاع الدولار عبر فرض سقف الـ3200 ليرة على الصيارفة للالتزام به كحد أقصى في سعر صرف السوق، في وقت وجّه البطريرك الماروني بشارة الراعي ما يُشبه التأنيب لرئيس الحكومة حسان دياب في معركته ضد حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، متسائلاً: “هل هذا النَّهج المُغاير لنظامنا السياسي اللبناني جزء مِن مخطّط لتغيير وجه لبنان؟”. وسارع عرّاب الحكومة وأبوها الروحي الوزير السابق جبران باسيل إلى إسناد رئيس حكومته في مواجهة البطريركية المارونية من خلال انتقاده “المحميات الطائفية” وتحذيره “المرجعيات الدينية العليا” من السعي إلى “تأمين الحماية باسم الطائفة للمرتكبين”، منتقدًا “العقلية السياسية المريضة” ومتوعّدًا بمحاسبة الفاسدين والسارقين والناهبين في “المنظومة الحاكمة منذ التسعينات”.
وبينما احتلّ “تراند” #جبران_الفاشل مواقع التواصل الإجتماعي في لبنان، طالب المعارضون رئيس “التيار الوطني الحرّ” بإعادة “أكثر من 48 مليار دولار أهدرها من مالية الدولة في قطاع الكهرباء”، تماشياً مع تشديده على وجوب “إلزام جميع الأشخاص الذين تبوّؤا مراكز سياسية او اداريّة او قضائيّة او عسكريّة اعادة جميع الأموال المحوّلة بناءً لطلب منهم الى الخارج” بأن يبدأ من “استعادة ملايين الدولارات المهرّبة عبر فريقه السياسي من لبنان في العام 1989، لا سيما تلك التي تم تقاضيها من صدام حسين أو تلك التي تم الاستحصال عليها من جيوب الناس إبان حربي التحرير والإلغاء ثم تم تهريبها لاحقاً إلى فرنسا”.
وعلى خطّ المواجهة في داخل الطبقة السياسية، أكّد رئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط في حديث صحافي إلى “إننا لن نقبل بإلغائنا من قبل “حزب الله” أو غيره”، مؤكداً أنّ ” الحكومة يديرها “التيار الوطني الحرّ وحزب الله، ونحن لن نقبل بأن يُسيطر على لبنان ولا على حدوده ومطاره وموانئه، وسنقاوم سلمياً وديموقراطياً”.