كتب عمر حبنجر في صحيفة “الأنباء” الكويتية:
واضح ان فترة السماح التي وفرها فيروس “كورونا” لحكومة حسان دياب قد شارفت على الانتهاء، مع بدء عودة ثوار”17 تشرين” الى الحراك التصعيدي وتقطيع الطرق الرئيسية العامة بين المحافظات، بالإضافة الى مهاجمة فروع المصارف بالقنابل الحارقة، من جانب مجموعات تبدو من خارج اطار الثورة. فمنذ منتصف الليل قبل الفائت تحرك الشارع الثوري لقطع الطرق من عكار الى طرابلس الى صيدا مرورا بجونية الى جل الديب والسعديات وصولا الى تعلبايا وسعدنايل في البقاع.
وكان لافتًا على صعيد هذه الحركة، ما شهدته عاصمة الشمال طرابلس ليل أمس من كرّ وفرّ بين المحتجين والجيش الذي استنفر في المدينة، مع تسجيل عمليات تكسير وإحراق لبعض فروع المصارف في ساحة النور، ووقوع جرحى، على وقع هتافات الجوع التي لم يعد يرحم الطرابلسيين وعموم اللبنانيين.
وضمن هذه الأجواء تقع معركة الحكم والحكومة مع حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة.
عمليا، خرج موضوع إقالة الحاكم من التداول بعد الهجوم الدفاعي عنه من جانب البطريرك بشارة الراعي وبعد توضيحات الرئيس نبيه بري ومواقفه، ووليد جنبلاط وتصريحاته ومختلف الأطراف السياسية، عدا التيار الوطني الحر بالطبع. وفي مقدمة الأسباب المانعة ما كشفت عنه، سعاد دولاني قبلان زوجة قبلان قبلان عضو مكتب الرئاسة في حركة “امل” عبر احد المواقع، وخلاصته ان السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا ابلغت رئيسي الجمهورية والحكومة عبر النائب جبران باسيل الذي زارته في منزله “بأن إقالة الحاكم سلامة سيفضي الى حجز اموال لبنان وذهبه في الولايات المتحدة والبالغة 20 مليار دولار، واعتبار هذه الأموال لحزب الله”.
وثمة عوامل اخرى ساعدت في حمل المسؤولين على انكار النية في إقالة الحاكم منها بحسب ما نقلت الـLBCI ان سلامة ارسل جميع المستندات والوثائق المتعلقة بالتحويلات والسحوبات المالية الى الخارج، تحسبا لتعرضه لأمر ما. ويقول موقع الـmtv ان سلامة سيطل على وسائل الاعلام غدا “ليبق البحصة” اي ليكشف المستور، علما وفق مصادر “الأنباء” ان توسع سلامة في الكلام مرتبط الى حد ما بما سيقرره مجلس الوزراء في اجتماعه برئاسة دياب اليوم.
وفي الوقت ذاته، حذر بري من محاولة إقالة الحاكم في ظل عدم وجود مجلس مركزي في مصرف لبنان ولا لجنة الرقابة على المصارف، و”اذا تمت الإقالة وسط هذا فإن اللبنانيين سيستيقظون على دولار بـ١٥ ألف ليرة، وليعلم الجميع انني انا، نبيه بري لا أدافع عن سلامة، بل أدافع عن لبنان، وعن أموال المودعين التي قد تطير في هذه الحالة الى الأبد” بحسب رئيس البرلمان. بدوره، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، قال ان حزبه يعترض على نهج الرئيس عون وحزب الله الذي وصفه بالنهج الانقلابي. وقال جنبلاط في تصريح تلفزيوني: حسان دياب لا شيء. في غضون ذلك، ذكرت صحيفة “النهار” في تقرير على موقعها الإلكتروني إن مصرف لبنان المركزي حدد سعر صرف الليرة عند 3800 للدولار على أن تطبقه شركات تحويل الأموال امس، مقارنة بـ 3625 ليرة ليوم الجمعة.
وفي وقت متأخر من مساء أمس الاول، قال البنك المركزي إن مؤسسات الصرافة لن تستطيع بيع الدولار الأميركي بأكثر من 3200 ليرة.
وعلى صعيد آخر، أتى خبر الحكم القضائي على رئيس مجلس إدارة مؤسسة الـmtv ميشال غبريال المرّ بحسبه لمدّة سنة وتغريمه ملياري ليرة بملف التخابر غير الشرعي، ليطرح المزيد من التساؤلات حول توقيت صدور الحكم في هذه الفترة بالذات، وماهية الرسائل الذي يحمله، خصوصًا لجهة تعامل وسائل الإعلام مع الحركة الإعتراضية على الفريق الحاكم في الفترة المقبلة.