“ثورة الخبز والكرامة”، عنوان الحراك الشعبي اللبناني في طبعته الجديدة بعدما تحول عمليا من انتفاضة الى ثورة، بحسب العميد المتقاعد جورج نادر الذي يشكل وعموم المتقاعدين من عسكريين وأمنيين جزءا من هذا الحراك، بعدما أفرغت لعبة الدولار السياسي مرتباتهم التقاعدية من كل قيمة شرائية.
ولأول مرة، ربما في التاريخ المعاصر، تحدى الجماهير الغاضبة منع التجول بقرار حكومي وتقطع الطرقات. وقد امتدت أعمال “القطع” من طرابلس الى سواحل كسروان والمتن والشوف مرورا في بعض شوارع بيروت، وصولا الى صيدا وامتدادا الى البقاع الأوسط والشمالي.
ومع تجاوز الدولار الأميركي عتبة 4 آلاف ليرة تجاوز الناس ايضا حواجز التردد والخوف من “الكورونا” بوجهيها الوبائي والسياسي ليقولوا “لا” بنبرة عالية. وقد سجّل الوباء 7 حالات جديدة بالأمس في لبنان، ليصل العدد إلى 717 إصابة.
وواضح وفق المعطيات ان هذه النبرة ستعلو أكثر في أواخر هذا الأسبوع، حيث يلتقي عيد العمال المصادف بعد غد الجمعة في الأول من أيّار، مع استحقاق رواتب آخر الشهر، وسط إقفال شبه كلي للمصارف بين مضرب ومحطم الواجهات. يضاف الى هذين العاملين حالة الاستنفار الأقصى والذي بدأ من طرابلس، عندما خرج المواطنون من صلاة التراويح أمس الأول الى الساحات وخاصة ساحة الثورة فصدرت التعليمات الى الجيش بدعوتهم للتفرق عملا بقرار التعبئة الصحية ضد “الكورونا”.
وقد أجاب بعضهم بأنه يفضل “الكورونا” على الموت جوعا، وهنا حصل بعض التدافع وأقدم أحد من وصفوا بالمندسين على إلقاء زجاجة حارقة (مولوتوف) على آلية عسكرية واشتعلت فيها النار، عندها رد الجيش بإطلاق النار في الهواء كما استخدم الرصاص المطاطي بمواجهة المفرقعات التي أطلقت باتجاهه ما أوقع أكثر من ٦٠ جريحا بينهم عسكريون. وكانت الحوادث بدأت في طرابلس من شارع المصارف بعد تشييع الشهيد فواز السقمان الذي توفي متأثرا بجروحه التي أصيب بها جراء المواجهات ليل أمس، لتمتدّ بعدها المواجهات والقاء الحجارة والمواد المشتعلة بالقرب من منزل النائب فيصل كرامي، وقصر الرئيس نجيب الميقاتي في المدينة.
ومن طرابلس إلى ذوق مصبح وساحل المتن، حيث أقفل المحتجون الطريق الدولي الذي يربط بيروت بطرابلس والشمال وقد تدخل الجيش وفتحها بعد مشادات مع المحتجين والمحتجات اللواتي افترشن الأرض لفترة طويلة. وفي مختلف المواجهات التي حصلت أمس وقبله كان الشعار واحدا: تحركنا ضد سلطة الفساد والتلاعب بالدولار لا ضد الجيش الذي وضعوه بمواجهة شعبه. وقال أحدهم: الجيش أهلنا ومعركتنا مع الفاسدين الساعين الى تشويه العلاقة بين الجيش وشعبه.
بدورها، جمعية المصارف أعلنت عن إقفال جميع فروع المصارف في طرابلس اعتبارا من امس حتى استقرار الأوضاع. وتوقف المراقبون، أمام تغريدة تويترية لنائب “حزب الله” إبراهيم الموسوي تضمنت قوله: “ان أسقطتم الحكومة فسنسقطكم في الشارع انها حكومة الفرصة الأخيرة يا بيك، وبعدها حتما الطوفان”. وأوضح لاحقا انه لم يكن يرد على أحد بالتحديد.. لكن يبدو أن المقصود هو وليد جنبلاط المعروف بأن لقبه البيك.
تيار “المستقبل” تحدث عن تصعيد كبير بوجه الحكومة، مشيرا الى اجتماع رؤساء الحكومة السابقين في “بيت الوسط” امس الاول. وعلمت “الأنباء” ان التريث للرؤساء بإصدار البيان غايته انتظار ما سيقرره مجلس الوزراء في جلسة غد الخميس وما سيقوله حاكم المصرف المركزي رياض سلامة اليوم ليبنى على الشيء مقتضاه.
المصدر: صحيفة “الأنباء” الكويتية