كتبت صحيفة “نداء الوطن” اللبنانية:

تكاد كل الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة وكل التدابير المتبعة خلال الشهرين الماضيين، من عزل وحظر و”مفرد ومجوز”، أن تذهب أدراج الرياح تحت عجلات “رحلات العودة” وعشوائية المعايير التي تميّزت بها إدارة هذه العملية رسمياً وصحياً، لا سيما في ضوء ما تكشف خلال الساعات الأخيرة من معطيات حول وجود “شهادات طبية مزوّرة” تم استخدامها لتأمين عودة بعض المصابين بالوباء من الخارج، بالتزامن مع عودة استهتار اللبنانيين بالحد من حركتهم، ما انعكس زحمة في بعض الأسواق والمحال، بالرغم من غلاء الأسعار، وأدّى لأن “يفلت ملق” الكورونا في البلاد من جديد.

اللبناني في دائرة القلق، لا شيء يبعث على الإطمئنان، لا سياسياً ولا اقتصادياً ومعيشياً ومالياً ونقدياً، ولا صحّياّ، وأخبار غير سارة حملتها الساعات الأخيرة حول ارتفاع سريع في أرقام المصابين بوباء “كورونا”، بين المقيمين والعائدين، في ظلّ إصرار رسمي على استكمال عمليات العودة في مرحلتها الثالثة، ومن ضمنها عودة 11300 لبناني، ما رفع منسوب القلق من امكانية عودة لبنان الى المربّع الاول، في معركة مواجهة الفيروس، تزامناً مع الإلغاء التدريجي للحظر وإجراءات التعبئة العامة، واستهتار البعض وعدم التزامهم بإجراءات السلامة العامة في مواجهة الفيروس، والتراخي في تطبيق قرارات الحجر والاقفال، بعد فتح المحلات والكنائس والمساجد أبوابها والزحمة على الطرقات، وسط تلويح بإجراءات اكثر تشدّداً وصرامة، وعودة الحديث عن عزل المناطق التي سجلت فيها إصابات عالية، ولا سيما في الشمال.

فارتفاع عدد اجمالي الاصابات الى 845، بعد لحظ تقرير وزارة الصحة العامة 36 إصابة جديدة امس، انقسمت بين 23 حالة من المقيمين، و13 من المغتربين العائدين ضمن الدفعة الثانية، وتوزعت على مناطق مختلفة، وامتداد الاصابات الى السلك العسكري والجسم القضائي والقانوني في المحكمة العسكرية، وإعلان مستشفى رفيق الحريري الجامعي تسجيل نتيجة إيجابية واحدة من بين 160 فحصاً مخبرياً، وإدخال حالة حرجة إلى العناية المركزة، مع عدم تسجيل أية حالة شفاء جديدة، حدا بوزارة الصحة العامة الى التحذير من عودة الواقع الوبائي في لبنان إلى مرحلة الإنتشار الواسع، وتنبيه المواطنين، إلى ضرورة وإلزامية التشدد بالحجر المنزلي ووضع الكمامات والتحلي بالصبر لعدم خسارة ما تحقق حتى الآن، وبوزير الداخلية محمد فهمي الى اتخاذ قرار بمنع الخروج والولوج إلى الشوارع بين السابعة مساءً والخامسة فجراً تحت طائلة تطبيق القوانين المرعية الاجراء لا سيما المتعلقة بالامراض الوبائية.

وبعدما مخالطة أحد العسكريين المصابين من دون عوارض زملاءه على مدى يوم كامل، وتسجيل اصابة 13 عسكرياً من عداد المحكمة العسكرية، وفق ما احصت قيادة الجيش، نافية المعلومات المختلقة عن انتشار الفيروس في المؤسسة العسكرية ووضع 1200 عسكري في الحجر الصحي والمنزلي، استنفرت الأجهزة المعنية والهيئات والنقابات والوزارات لاحتواء هذا الانتشار واجراء فحوصات لعشرات القضاة والمحامين والمراجعين الذين تردّدوا إلى مبنى المحكمة .

وفي هذا السياق، اتصلت وزيرة العدل ماري كلود نجم بوزير الصحة العامة حمد حسن، وتم الإتفاق على إجراء فحوص PCR للقضاة العدليين في المحكمة العسكرية، بعد ورود أخبار عن إصابة عدد من عناصر المحكمة العسكرية بالفيروس وبعد التنسيق مع رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود. وتم الإتفاق بين الوزيرين على إيفاد طاقم طبي من وزارة الصحة الى المحكمة العسكرية صباح غد الثلاثاء لإجراء فحوص كورونا.
وتحرّكت نقابة المحامين بدورها، وأعلنت اقفال كافة مبانيها بهدف تعقيمها، وخضع عدد من المحامين لفحص الكورونا امس في مستشفى القديس جاورجيوس في الأشرفية.