حلّت أمس الذكرى الثامنة لمجزرة الحولة، التي وقعت في ريف مدينة حمص عام 2012، وراح ضحيتها أكثر من 107 مدنيين، من بينهم 49 طفلاً دون العاشرة من العمر، على أيدي قوات النظام السوري.

وتأتي ذكرى المجزرة هذا العام، بعد 9 سنوات من الحرب، مع مواجهة الرئيس السوري بشار الأسد، لأول مرة، مجموعة من التحديات الكبيرة التي قد تحدد مصيره وقدرته على تعزيز قبضته على السلطة، وهي الانشقاق داخل عائلته، وانهيار الاقتصاد وتزايد التوترات مع حليفه الرئيسي روسيا، وفقاً لصحيفة “واشنطن بوست”، التي قالت إن الأسد نجح في استعادة السيطرة على أغلب أجزاء سوريا من يد المعارضة، ولم يتبقّ سوى مدن عدة في شرق البلاد، ولم يعد هناك من ينافس الأسد وعائلته على السلطة، لكن الخلافات بدأت تظهر داخل البيت الواحد.

الصحيفة لفتت إلى أن الاقتصاد المتدهور للسوريين يدفع إلى الفقر على نحو غير مسبوق في التاريخ الحديث؛ لأن الوضع في روسيا وإيران لا يسمح لهما بضخ مليارات الدولارات التي تحتاجها سوريا لإعادة البناء، كما يواصل الأسد رفض الإصلاحات السياسية التي قد تفتح الأبواب أمام التمويل الغربي والخليجي، في وقت بدأت بوادر تمرُّد جديد تلوح في الأفق داخل المناطق التي استعادت الحكومة السيطرة عليها، خاصة في محافظة درعا الجنوبية.

ويُعتبر الخلاف بين الأسد وابن خاله رامي مخلوف هو مجرد عَرض من أعراض المشاكل العميقة، فقد لجأ مخلوف إلى “فيسبوك” للشكوى من محاولات الدولة مصادرة أصوله، بعد ما أصبح غير قادر على التواصل مع الرئيس مباشرة. وظهر في سلسلة من التصريحات التي تنطوي على تهديدات متزايدة، تلمّح إلى قدرته على إحداث دمار في الاقتصاد السوري. ومخلوف ليس وحده في هذا المأزق؛ فالحكومة تعمل على إجبار رجال الأعمال السوريين الذين استفادوا من الحرب على دعم اقتصاد الدولة المتعثّر. كما أن الأسد يحاول استعادة بعض النفوذ الذي أصبح مشتتاً بين رجال الأعمال الذين يشبهون أمراء الحرب، والكثير منهم يديرون الميليشيات، إلى جانب مؤسساتهم التجارية.

ووفقًا لـ”واشنطن بوست”، تعتبر المشكلة الكبرى للأسد هي الاقتصاد الذي دمّرته الحرب، والعقوبات الأميركية والأوروبية، التي تهدف الى الضغط عليه، وتمنع أي نوع من الاستثمار أو تمويل إعادة الإعمار، لافتة إلى أنه اعتباراً من حزيران ستدخل العقوبات الجديدة الصارمة بموجب قانون “قيصر” حيز التنفيذ. جرأة متزايدة وقد أعقبت تحدّي مخلوف للنظام منشورات جريئة لسوريين مؤيدين للنظام على وسائل التواصل، يتحدثون عن مظالمهم، كان أكثرها تأثيراً من جندي سابق، يُدعى بشير هارون، أُصيب في المعارك، عندما انتقد الحكومة بعد قطع تمويل العلاج الطبيعي للمصابين. وكتب: “تعاملنا مثل فرسان السباق، الذين قتلوا بالرصاص عندما أُصيبوا، في كل يوم تقوم بإصدار قرار يكسرنا ويذلنا ويقتلنا”.

من ناحيةٍ أخرى، تشهد علاقة الأسد مع موسكو توترات متزايدة، خلال الأيام الماضية، حيث انتقدت الكثير من المقالات الأخيرة في وسائل الإعلام الروسية نظامه بسبب تعنّته وفساده. وجاء النقد الأكبر من السفير الروسي السابق في سوريا، ألكسندر أكسينيونوك، الذي أكد أن رفض الأسد تقديم تنازلات سياسية يتعارض مع مصالح روسيا، موضحاً أن “دمشق ليست مهتمة بشكل خاص بإظهار نهج بعيد النظر ومرن وغير قادرة على تطوير نظام حكومي يخفف من الفساد والجريمة”. وحذّر أكسينيونوك من أن روسيا وصلت إلى حدود التسوية في عملية السلام التي ترعاها، والتي تأمل في أن تؤدي إلى إصلاحات سياسية.

وكان لافتاً يوم السبت الماضي، التحذير الذي كتبه المُعارض السوري كمال اللبواني، والذي وجّهه للأسد، وجاء فيه: “أنصحك بأن تسلّم السلطة وترحل مع أسرتك وتطلب اللجوء السياسي في أي دولة أخرى.. انا أخاطبك عن اطلاع بكل ما يخطط لإزاحتك عبر ضغوط اقتصادية وعسكرية وجنائية، ونشاط دبلوماسي، وعمل أمني داخل دائرتك الضيقة”.

المصدر: صحيفة “القبس” الكويتية