كتبت جنى جبور في صحيفة “نداء الوطن”:
ينتظر الشباب اللبناني فتح ابواب المطار الشهر المقبل، لـ”الهجّ” من وطنهم، بعدما ضاقت بهم سبل الحياة في بلد دمّره ونهبه وأفلسه حكامه، طمعاً بحنان الدول الغريبة وتأمينها لهم ادنى متطلبات الحياة. ولكن مهلاً، نسأل الشباب “لوين رايحين”، ونتأسف باعلامكم أنكم لستم ضمن أولويات دول العالم التي تعاني اقتصادياً جرّاء أزمة كورونا.
تتكرر على مسمعنا بين اليوم والآخر، لا بل بين الثانية والاخرى، قصص مأسوية عن شباب ينوون الهجرة الى الخارج بحثاً عن تأمين مستقبلهم ولقمة عيشهم. فنشعر وكأنّ لبنان امام هجرة لم يشهدها في تاريخه، ولا سيما بعدما عمدت الإدارات إلى تخفيض رواتب موظفيها، وطرد عدد كبير منهم، عدا عن ارتفاع سعر صرف الدولار، والوضع الامني المتفلت بين الحين والآخر.
الوضع في لبنان صعب وصعب جدّاً، ليس فقط من الناحية الاقتصادية، بل من ناحية الامن والاستقرار والتعليم والطبابة، وانعدام الثقة بالدولة، والخوف من المستقبل، وهذه الحالة تشمل شباب كل الطوائف.
طلبات التأشيرات التي تقدم بها اللبنانيون في سفارات دول العالم لا تعدّ ولا تحصى، فهي الامل الوحيد للبعض للخروج من وطن خيب آمالهم ودمر احلامهم، بحثاً عن فسحة امل في طريق مجهول. ولكن ما مدى ملاءمة الوضع اليوم للهجرة، خصوصاً مع التداعيات التي سببها فيروس كورونا في العالم أجمع. وما وضع كندا، الأكثر طلباً للهجرة الى أراضيها من قبل اللبنانيين؟
مصادر مختصة في شؤون الهجرة في كندا توضح في حديث خاص لـ”نداء الوطن” أنّ “البلاد بحالة فوضى حالياً، ولا سيما أنّ حدودنا ما زالت مقفلة مع أميركا التي تواجه موجة ثانية من الكورونا. كذلك، ان فرص العمل تضاءلت بنسبة تعتبر الاعلى منذ سنوات في بلدنا، بالاضافة الى اغلاق الكثير من الاعمال والشركات. وتأمل الحكومة الكندية بالنهوض مجدداً باقتصادها وتخطي كل المصاعب بعد التخلص من هذا الوباء”.
كندا: مسار الهجرة بطيء جدّاً
تراقب كندا عن كثب وضع لبنان، وتردي حالته الاقتصادية وصعوبة المعيشة فيه، ولكن ذلك لا يمنح للبنانيين اي فرصة استثنائية للهجرة، والطريقة المعتمدة ما زالت نفسها، ترتكز على تعبئة الاستمارة المطلوبة والخضوع الى الفحوص المعتمدة من الجهات الرسمية المسؤولة عن ملف الهجرة، وانتظار قبول الطلب (بين فترة سنتين الى 3 سنوات) أو رفضه. وتشير المصادر عينها الى أنّ النظام الكندي “لا يأخذ بعين الاعتبار من يعاني من صعوبة معيشية، ومن ليس لديه سقف يحميه، أو غير القادر على تأمين قوته اليومي. من جهة أخرى، من توافر له عرض عمل، قد تكون لديه فرصة للهجرة بعد قبول ملفه. ولكن بكل صراحة، موضوع الهجرة لا يندرج حالياً ضمن اولوياتنا، ويؤسفني أن أبلغ الشباب اللبناني من خلالكم، أنّ تأشيرات الهجرة والعمل ستكون بطيئة وبطيئة جدّاً في هذه الفترة (أي أكثر من 3 سنوات)، لان كندا لم تعد بعد الى حياتها الطبيعية. وليس هذا فقط، يجب أن يعلم من يرغب بالهجرة الى كندا انّ عليه تسديد كل رسوم الطلب والفحوص وغيرها بالدولار. مع الاشارة، الى أنّ مسار تقديم الملف ليس سهلاً ابداً، لا بل هو معقد، ما يتطلب في بعض الاحيان الاستعانة بمستشار ملم في موضوع الهجرة، لمساعدة الشخص على استكمال طلبه ومتابعته طوال المدة وفي كل مراحل الطلب، مقابل تكلفة لا تقل عن الـ6 آلاف دولار. وليس هذا فحسب، على الراغب بالهجرة ان يكون بحوزته مبلغ من المال يمكّنه من تأمين حاجاته بعد انتقاله الى كندا في حال قبول طلب هجرته”.
وتحذر المصادر، من عمليات الغش التي وقع ضحيتها الكثير من الشباب في الفترة الاخيرة، بحيث يوجد من يستفيد من ألم اللبنانيين ويوهمهم بضمانة هجرتهم الى كندا في غضون 6 أشهر مقابل مبلغ من المال. من هنا، على الجميع التأكد أنّ المرجعية الرسمية الوحيدة للهجرة هي السفارة الكندية، والمعلومات الرسمية متوافرة على الموقع التالي فقط لا غير www.cic.gc.ca
وأخيراً، تؤكد المصادر أنّ الهجرة ليست بالسهولة التي يظنها الشباب في لبنان، بل هي مسار قد يطول لاكثر من سنتين. وأكرر أنّ موارد كندا كما كل الدول الاوروبية والاميركية، تراجعت في الفترة الأخيرة، وأصبحت فرص العمل فيها محدودة جدّاً حالياً. من هنا، أطلب من اللبنانيين التمتع بالوعي الكافي في هذا الموضوع، وأنصح من يريد الهجرة أن يتقدموا بطلباتهم من دون بناء أي آمال، كي لا يخيب ظنهم لاحقاً”.
وأخيراً، الوطن ليس بفندق، نغادره عندما تسوء خدماته، ولو فكّر اجدادنا بهذه الطريقة أمام كل المصاعب التي عصفت بهم لما بقي لبنان. فلنعِد حساباتنا، فهجرة جميع اللبنانيين شبه مستحيلة، أمّا تضافر جهودنا في بلدنا فقد يصنع الفرق…