كل حديث عن مسعى سياسي، محلي أو خارجي، يبدو هزيلاً أمام مأساة اللبنانيين التي تتجسد يوميا في طوابير الذل اللامتناهية للحصول على الغذاء والدواء والوقود، وسط تفلت جنوني لسعر الدولار الذي لامس عتبة الـ18 الف ليرة وقد يقترب من الـ 20 ألفاً الاسبوع المقبل، فيما التوقعات تقول ان لا سقف للمستوى الذي قد يصل اليه سعر الصرف مع اعلان رفع الدعم. فيما لم يعد الرهان قائما الا على توقيت لحظة الانفجار، وكل المعطيات المتجمعة والغليان الشعبي تؤشر إلى اقترابها.
أزمة المحروقات بدأت تهدد كل القطاعات وسط تأكيد مصادر نفطية ان لبنان مقبل على أزمة كبيرة في البنزين، خصوصا في المازوت الذي بدأ ينفد من العديد من المستشفيات والمصانع والافران ولدى اصحاب المولدات، مع توجه لاقفال مجمل محطات البنزين في لبنان لحين صدور جدول الأسعار الجديدة. مع بروز ازمة جديدة تتعلق بغاز الطهي.
وفي الاطار، وجه رئيس تجمع أصحاب المولدات الخاصة عبده سعادة، «نداء استغاثة، الى جميع المسؤولين في البلاد»، ناشدهم فيه إنقاذ وضع المحروقات. وقال في بيان: «لم يعد هناك مبرر لانقطاع مادتي المازوت والبنزين من الاسواق، وخصوصا بعد رفع الدعم على دولار 3900 ليرة»، لافتا الى أن «نفاد مادة المازوت، سيؤدي بجميع القطاعات، من أفران ومستشفيات وسوبر ماركت، الى التوقف عن العمل، خصوصا المولدات الكهربائية».
وأدّى الارتفاع الجنوني وغير المنتظم للدولار، إلى إقفال عدد من المحال التجارية في مختلف المناطق، بفعل عدم قدرة أصحابها على البيع والشراء وعرض أسعار ثابتة للزبائن. فالمحال افتتحت نشاطها صباحا وفق سعر صرف يدور حول 16500 ليرة، ثم ما لبث الدولار أن حلّق خلال ساعات النهار وصولا إلى حدود الـ18 ألف ليرة، ما يرتّب خسائر على التجّار الذين فضّلوا التوقّف عن البيع بانتظار هدوء السوق.
وعلى وقع مواصلة الدولار ارتفاعه بسرعة قياسية، عادت التحركات والاحتجاجات الى الشارع، وشهدت مناطق الشمال والجنوب وبيروت قطع طرقات وحرق اطارات. وجابت مسيرات سيارة في شوارع طرابلس تدعو المواطنين للنزول إلى الشارع والانتفاض بوجه السلطة الحاكمة وسط تواتر انباء عن رفع اسعار الاتصالات والانترنت وعدم تمكن الشركات من تأمين معاشات موظفيها.