عندما سألت أحد القواتيين عن سبب ترشيح ملحم رياشي في المتن للانتخابات النيابية الأخيرة، بالرغم من إخفاقاته الحزبية وفشله في أكثر من ملف وأبرزها اتفاق معراب، أجابني ذلك المتحزّب: “لأنه آدمي..”

وفي لمحة إلى صعود نجم ذلك “الصحافي” في الساحة السياسية اللبنانية (كان لديه برنامح حواري تلفزيوني عبر ال anb لمن غابت عنه هذه المعلومة) يذكر أحد المصادر القواتية يوم عيّنه رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع في العام ٢٠١٢ رئيسًا لجهاز الإعلام والتواصل في الحزب، حيث كانت ردة الفعل الداخلية الحزبية: “ليش هيدا قوات”.

الرياشي الذي تنقل بين الشخصيات السياسية في المتن، من ألبير مخيبر إلى ميشال والياس المرّ حيث ترأس تحرير صحيفته “الجمهورية”، حطّ أخيرًا في معراب، طوّب نفسه أمام ابراهيم كنعان صانع سلام مسيحي. الآدمي الآخر (أيضًا بحسب محازبيه) جبران باسيل ضمّه بين ذراعيه، وجميع اللبنانيين يعرف الباقي.

لم يشارك الرياشي في نضال القواتيين في ساحات الدفاع، أو في النقابات أو في الجامعات، لكنه حقًا كان وزيرًا “آدمي”، فقد كان يبخّر مكتبه كل يوم صباحًا، وكان مستشارو عون والحريري وبري يحبونه كثيرًا في تلك الفترة ويثقون بما ينقله لهم، خصوصُا في إطار التشكيلات الحكومية والملفات الساخنة.

اليوم، عاد الرياشي من بوابة التشريع بأصوات القواتيين في المتن، صافح الوزير علي حسن خليل المطلوب الى القضاء في جريمة انفجار المرفأ، حيث أغلب الضحايا قواتيين، ونعت من انتقده بال “معاقين”، مع العلم أن “القوات” أنشأت جهاز “الأسرى ومعوّقي الحرب”. وهو الذي كان جلس على مائدة تكريم الصحافي طلال سلمان مع سفير النظام السوري علي عبد الكريم ذات يوم بحجة أنه وزير اعلام. ومر الخبر في “القوات” كما غيره من دون محاسبة، فمحكمة الحزب منشغلة بالنظر في دعاوى “تأديب” أولئك القواتيين الذين كانوا في ساحات الدفاع والنقابات والجامعات..

الرياشي لا يدع مناسبة الا ويرسم اشارة “الدلتا”، أو يغمز من قناة “الصليب المشطوب”، أو يبدأ بإنشاد أغاني “القوات” في التجمعات العامة، وقد أصبحت هذه الممارسات معيارًا لقواتية البعض، وهو تقدّم اليوم على جميع النواب القواتيين، حتى على طوني حبشي ونزيه متى وستريدا جعجع وغياث يزبك وسعيد الأسمر، وأعلن أنه لن ينتظر قرار الحزب أو التكتل وسيرشّح سمير جعجع إلى رئاسة الجمهورية. واذا ربح مرشّحه هذه المرة أيضًا، فبالتأكيد سيطلق على ذلك السياسي المخضرم لقب “صانع الرؤساء”.

ينظر معظم اللبنانيين اليوم إلى “القوات اللبنانية” على أنها حالة ثورية مميزة عن الأحزاب الأخرى في الأداء والمحاسبة. في وقت، لا يزال كثير من الجيل الجديد يسأل عن سبب صيت “القوات” الذي رافقها لسنين حتى بعد انتهاء الحرب، حيث يجيب المقاتلون: “لأنه دخل بيننا دخلاء كان همهم المناصب أو الإستفادة من القوة التي وصلنا إليها في حينه، وهم لا يمتّون للقضية بِصلة..”