كتب ميشال بوزيد:

في سؤال البعض عن صحوة المحقق العدلي في انفجار بيروت في الرابع من آب ٢٠٢٠ في الأيام القليلة الماضية، قد يكون الجواب في أن القاضي طارق البيطار شاهد مؤخرا فيلم “الأرجنتين،١٩٨٥” الذي أصبح في الأسواق نهاية العام الماضي ٢٠٢٢، والذي يروي قصة المدعي العام خوليو ستراسيرا الذي أوكلت اليه مهام إدانة النظام العسكري في الأرجنتين، بالأدلة، بجرائم التعذيب والإخفاء القسري، بالرغم من كل الضغوط التي تعرض لها من قبل فلول النظام السابق، قبل أن يعود الشعب الأرجنتيني ويقرر مصيره بنظام ديمقراطي، واضعًا حدًا للفاشية والديكتاتورية التي حكمت البلاد لأعوام.

في نهاية الفيلم، يظهر المدعي العام كيف عاد وصمم على إنزال أشد العقوبات برئيس النظام الديكتاتوري خورخي فيديللا، بالرغم من حكم المحكمة الأولي المخفف، مدعومًا من عائلته كعنصر أساسي، والشعب الذي رزح تحت ظلم هذا النظام من جهة أخرى. من عاش في ذلك الزمان، لم يصدق ما فعله ستراسيرا.

ومن يتكلم عن جنون هذه الأيام في لبنان، وكيف أن قاضيا مدعا عليه، أي غسان عويدات، يستغل منصبه كمدعي عام لقلب قرارات قاضٍ آخر مشرف على قضية بأهمية تفجير ٤ آب، يغيب عن باله أنه في الأسابيع الفائتة، كانت الأجهزة الأمنية، والمرؤوسة من بعض المطلوبين للتحقيق قي قضية تفجير المرفأ، تحقق مع بعض أفراد عائلات ضحايا التفجير وتبعثر محتويات هؤلاء الضحايا في بيوتهم، بحجج أو بأخرى، غير آبهة بامتعاض الرأي العام من هكذا تصرف.

عاد الموظفون الذين أوقفوا في القضية إلى وظائفهم العامة، وبعضهم عاد إلى مكتبه ومنزله وقريته منتصرًا، وكأنه لا يتحمل أي مسؤولية عما حصل. بعضهم ترأس اجتماعات وزار الموظفين “تحت امرته”، وأحد الموقوفين في القضية غادر إلى بلده الآخر، ومن طُلب إلى التحقيق مؤخرًا، نام قرير العين، متأكدًا أن لا عدالة و”لا بلوط” ستطاله.

وحدها أنامل وأيادي ألكسندرا في عيدها السادس، في الصورة التي تذكرها فيها والدها بول نجار عبر صفحاته الإجتماعية، ستمسح دموع وعرق من سيعتصم ويجابه الأمر الواقع في “العدلية”. أما الياس الذي حمل نعشه أصدقاؤه، فهو سيظل يضحك كما هي صورته التي يعرفها الجميع، لأنه لم يعد في هذا العالم. وبين يد ألكسندرا وضحكة الياس، حبر البيطار الذي قد يكون وحده كفيلًا بكتابة مستقبل جديد لتلك البلاد.