لم ينقص جوع اللبنانيين وعوزهم المتفاقم سوى كلمات كل من رئيس الحكومة حسان دياب عن جهات محرّكة تقف وراء تحركاتهم الأخيرة، وكلمة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة التي لم تسمّ الأشياء بأسمائها كما هو مطلوب، في وقت لا تزال الطبقة السياسية تتخبّط بصراعاتها، الداخلية منها والخارجية، مع صعود أسهم الحراك الشعبي بطريقة دراماتيكية، وأبرزها ما يحصل في طرابلس خصوصًا بعد استشهاد الشاب فواز السقمان أول من أمس، واستمرار المواجهات العنيفة وتكسير واجهات بعض المحال والمصارف في المدينة، وسقوط عدد كبير من الجرحى في صفوف المحتجين والجيش في الساعات الأخيرة (لا حالات وفاة كما أشيع).

وإذا كانت كلمة سلامة بالأمس تتلخّص بما كان قد بدأه عن أن ودائع اللبنانيين لا تزال في المصارف وهي تُستعمل، قبل أن تعود وتغوص بعالم الأرقام والمليارات الممنوحة والمقروضة، لتشتيت النظر عن جوهر الفساد المتحكم بمصير الشعب اللبناني من أعلى الهرم وحتى المراكز الرسمية على أنواعها، فإنّ الحكومة (ومن وراءها) لا تزال تُمعن في لعب دورها في تمرير ما يُمكن من صفقات وتعيينات، مستغلّة عن دراية أو عن جهل، عامل الوقت الممنوح لها قبل توسّع دائرة الإحتجاجات في خضمّ حالة الإنهيار التي أصبحت واقعًا.

وآخر التمريرات الحكومية، ما سُرّب عن وضع قرار نقل القاضي زياد شبيب، محافظ بيروت بالإنابة، على جدول جلسة مجلس الوزراء اليوم الخميس، ليتمّ تعيينه في ملاك الوظيفة العامّة، ما يعني حرفيًا تعيينه محافظًا أصليًا للعاصمة بيروت حتى نهاية خدمته وإحالته على التقاعد، أي لفترة 20 عامًا على الأقلّ. ورأت مصادر الثوار لموقع LebAustralian أن تمرير هذا القرار هو طعنة في ملف محاربة الفساد، لما في رصيد شبيب من شبهات فساد وصفقات على حساب الدولة اللبنانية، بحسب المصادر، لافتة في الوقت نفسه إلى تمسّك “التيار الوطني الحرّ” بهذا التعيين، وخصوصًا طلب الوزير السابق جبران باسيل من دياب تمرير هذا الملف لكون شبيب محسوب عليه، في وقت ينظّم محامون وناشطون وقفة إحتجاجية أمام وزراة الداخلية اليوم اعتراضًا على هذا الإقتراح.

وبالعودة إلى حراك الشارع، توقعّت المصادر لموقعنا أن تكبر رقعة الإحتجاجات في طرابلس، على ضوء انضمام بعض المناطق في صيدا وبيروت والبقاع إلى حركة قطع الطرقات ليلًا، في حين يحشد الثوار لمليونية جديدة في وسط العاصمة، في ظل استمرار الليرة بقيمتها المنخفضة أمام الدولار (بمعدّل 4,000 ليرة)، وإغلاق الكثير من المحال في بعض المناطق بسبب غلاء الأسعار. كما تتخوّف المصادر من لعبة دسّ أحزاب السلطة لصبيانها في الحركة المطلبية، كما حصل في السابق، لحرف الأنظار عن المطالب المحقّة للشعب اللبناني. وشدد الناشطون على ضرورة توحيد شعار التحرك، بما مضمونه ثلاث نقاط أساسية:

– الدستور يمنع تصادم الجيش مع الشعب

– السلطة الفاسدة تخالف الدستور يزج الجيش في مواجهة الشعب

– تسليط الضوء على مفارقة أن الجيش يحمي الفاسدين ويقمع الذين يعانون من الجوع

اكتشاف المزيد من LEBAUSTRALIAN

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading